هندسة الأكثرية النيابية: ما الذي يُحضَّر للبنان في صناديق الاقتراع؟

خاص Lebanon Politics
تشير المعطيات السياسية المتداولة إلى أنّ الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان لن تكون مجرّد استحقاق دستوري دوري، بل محطة مفصلية في سياق إعادة تشكيل التوازنات داخل المجلس النيابي. فإلى جانب العوامل الداخلية المرتبطة بالأزمة الاقتصادية والمالية وفقدان الثقة الشعبية بالطبقة السياسية التقليدية، تبرز عوامل خارجية ضاغطة يُرجّح أن يكون لها دور حاسم في توجيه مسار العملية الانتخابية ونتائجها.
هذه العوامل تتجلّى في اهتمام إقليمي ودولي متزايد بالملف اللبناني، انطلاقًا من اعتبارات تتجاوز الشأن الداخلي، لترتبط بموقع لبنان في الصراعات الإقليمية وبملفات استراتيجية كالإصلاحات الاقتصادية، وترسيم السياسات المالية، ودور الدولة ومؤسساتها. وفي هذا الإطار، يُلاحظ سعي قوى خارجية إلى تعزيز حضور وجوه سياسية جديدة، سواء عبر الدعم السياسي أو الإعلامي أو غير المباشر، في محاولة لإنتاج أكثرية نيابية مختلفة قادرة على تعديل أو كسر المعادلات السياسية القائمة.
غير أنّ إدخال أسماء جديدة إلى المشهد النيابي لا يعني بالضرورة حدوث تغيير جذري في بنية النظام السياسي، إذ يبقى التحدي الأساسي متمثّلًا في قدرة هذه الوجوه على التحوّل إلى قوة سياسية مستقلة تمتلك مشروعًا وطنيًا متماسكًا، بعيدًا عن الارتهان للخارج أو إعادة إنتاج الاصطفافات نفسها بأدوات مختلفة. وعليه، فإن الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في تغيير الأسماء، بل في تغيير النهج السياسي وآليات الحكم، وهو أمر يرتبط بمدى وعي الناخب اللبناني وقدرته على التمييز بين التغيير الشكلي والتحوّل البنيوي الفعلي.



