الحشيمي في رسالة لسلام: أتمنى عليكم ألّا يُبتّ بملف التفرّغ وألّا يُعرض على مجلس الوزراء قبل استكمال عناصر الشفافية كاملة وفي مقدّمها إعلان الأسماء

وجه النائب بلال الحشيمي رسالة الى رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام جاء فيها : “دولة رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام المحترم، تحيّة واحتراماً،
أتوجّه إليكم بهذه الرسالة انطلاقاً من الحرص العميق على الجامعة اللبنانية، بصفتها المؤسسة الوطنية الجامعة، وعلى حقوق أساتذتها الذين يشكّلون عمادها الأكاديمي وضمانة استمراريتها. كما أنطلق من موقع المسؤولية الوطنية التي تفرض مقاربة دقيقة، عادلة وشفافة لملف التفرّغ المطروح حالياً، باعتباره أكثر من إجراء إداري، بل اختبار فعلي لنهج الإصلاح والشفافية الذي أعلنت حكومتكم التزامها به منذ اليوم الأول” .
اضاف:” أودّ التأكيد بوضوح لا لبس فيه أنّنا مع ملف التفرّغ من حيث المبدأ، ومع إقراره سريعاً وفي أول جلسة لمجلس الوزراء متى كان واضحاً ومكتمل العناصر. ولا نقبل أي مزايدة في هذا الموقف. لكن في المقابل، نرفض رفضاً قاطعاً أن تتم معالجة هذا الملف بالسرّية التامة، لأنّ الغموض في ملف أكاديمي بهذا الحجم لا يحمي أحداً، بل يفتح الباب أمام الشكوك، ويُعيد إنتاج أخطاء سابقة لا تزال آثارها وانعكاساتها السلبية على الجامعة اللبنانية قائمة حتى اليوم.
لقد أكدت معالي وزيرة التربية الدكتورة ريما كرامي، في تصريحها لبرنامج «جدل»، أنّ «الكثير من القرارات لا بعد تربوياً لها»، وأنّها «تتحمّل نتيجة التراكمات»، كما أشارت إلى أنّ «مجرد الحديث عن الإصلاح يؤدي إلى انزعاج»، معتبرة أنّ «كل من هم مضطرون للتعامل معها منزعجون». إنّ هذا الكلام، بصرف النظر عن خلفياته، يؤكد أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يُدار بمنطق الانزعاج أو التحفّظ، ولا يمكن أن يُبنى على السرية، بل يفترض أعلى درجات الوضوح والمصارحة وتحمُّل المسؤولية، خصوصاً في ملف يمسّ مباشرة مصير مئات الأساتذة ومستقبل الجامعة الوطنية.
وعليه، إذا كان الهدف فعلاً هو الإصلاح، فإنّ الشفافية تصبح شرطاً أساسياً لا خياراً، ويغدو إعلان أسماء الأساتذة المشمولين بملف التفرّغ خطوة طبيعية وضرورية، لا سيما عبر إحالة هذه الأسماء إلى كليات الجامعة اللبنانية، بوصفها المرجع الأكاديمي الطبيعي وصاحبة الصلاحية العلمية في تقييم الكفاءة والجدارة والحاجة الفعلية”.
وتابع: “إنّ القول بوجود «آلية خاصة» لإعداد الملف، مهما بلغت دقّتها، لا يكتمل ولا يكتسب صدقيته إلا بإعلان نتائجه، وإتاحة الاطلاع عليها، وتمكين الكليات من إبداء الرأي فيها. فالإصلاح لا يُقاس بالنوايا ولا بالتصريحات، بل بالإجراءات الواضحة والممارسة الفعلية.
وفي هذا الإطار، يبرز قلق مشروع ومتزايد من أن يُصار إلى إقرار ملف التفرّغ على مراحل أو دفعات متتالية. فقد أثبتت تجربة ملف تفرّغ عام 2014 أنّ اعتماد هذا الأسلوب، تحت عناوين من قبيل «حفظ الحق»، أدّى عملياً إلى ضياع حقوق عدد من الأساتذة المتعاقدين، الذين بقوا خارج أي معالجة فعلية حتى اليوم، رغم مرور أكثر من عقد على تلك الوعود. إنّ هذا المسار لا يشكّل حلاً مرحلياً، بل يُنتج ظلماً مزمناً، ويخلق فئات مهمّشة داخل الجامعة، ويضرب مبدأ المساواة بين الأساتذة، ويُضعف الثقة بالدولة وبمؤسساتها.
دولة الرئيس، إنّ إعلان الأسماء، ووضوح المعايير، وتمكين الكليات من إبداء الرأي، وإقرار الملف دفعة واحدة لا مجزّأً، لا يعرقل إقرار التفرّغ بل يحصّنه، ولا يحرج أحداً بل يحمي الجميع، ويشكّل التطبيق العملي الفعلي لشعار الإصلاح والشفافية الذي ترفعه حكومتكم. أمّا إقرار الملف من دون هذه الخطوات، أو على مراحل، فسيُبقيه عرضة للاعتراض، ويحمّل السلطة التنفيذية مسؤولية قرار ناقص ومفتوح على إشكالات أكاديمية وقانونية لاحقة”.
وختم الحشيمي: “لذلك، ومن موقع المسؤولية الوطنية، أتمنى عليكم ألّا يُبتّ بملف التفرّغ، وألّا يُعرض على مجلس الوزراء، قبل استكمال عناصر الشفافية كاملة، وفي مقدّمها إعلان الأسماء، وإرسالها إلى كليات الجامعة اللبنانية، واعتماد مسار واحد، واضح وعادل، يُبتّ به دفعة واحدة، يضمن عدم ظلم أي أستاذ صاحب حق، ويحفظ معايير الكفاءة والجدارة، ويصون الجامعة اللبنانية كمؤسسة وطنية جامعة لا تحتمل المزيد من الاهتزاز”.



