حياة الأسد الجديدة: تذكرة إلى نادي النخبة مرفوضة حاليّاً… خطر أمنيّ محدق ودخول محتمل إلى عالم التجارة

منذ أن غادر بشّار الأسد سوريا فجر الثامن من كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، لم يُسمع له خبر، فلم تكشف الأخبار عن تفاصيل حياته ولم ترصده عدسات الكاميرات، لكنّ التقارير والتحقيقات والتسريبات أظهرت جانباً من جوانب حياته الجديدة في المنفى الروسي، ووفق ما يبدو، فإن الأسد لم يعتد بعد على حياة موسكو، ولا زال عالقاً بين جدران شققها الفاخرة.
يمضي الأسد وقته في إحدى الشقق التي اشتراها قبل سقوط نظامه، حينما كان يعد الخطط لاحتمالات سقوط نظامه، إذ يقطن في شقّة في موسكو التي تزيد سماؤها الرمادية خلال فصل الشتاء من “الكآبة المحتملة” التي يعانيها الأسد بعد خسارته سلطته، وينقل موقع “إسرائيل هيوم” العبري عن صحافي (يفضل عدم ذكر اسمه) مقيم في موسكو يتابع حياة الأسد الجديدة في موسكو بعض التفاصيل.
شقق الأسد
الدخول إلى نادي النخبة في موسكو، الذي يضم رجال أعمال وسياسيين وأصحاب نفوذ ومكانات اجتماعية، يعني المشاركة في الحياة الاجتماعية، لكن الصحافي الروسي يؤكّد أن الأسد يتجنّب هذه الحياة تماما حتى الآن. ويحاول تفسير عدم مشاركة الأسد في هذه الحياة، فيقول “ربما يكمن التفسير في مرض زوجته أسماء الخطير، أو ربما يكون الأسد نفسه مكتئباً بعد فقدانه السلطة، أو ربما يتلقى تعليمات من أجهزة الأمن الروسية بعدم الخروج دون داع بسبب خطر الاغتيال، لكن هناك شيء واحد لا جدال فيه: لم ير أحد الأسد في حفلات أو مناسبات أخرى متألقة تفتخر بها النخبة في موسكو”.ولعل كل التفسيرات صحيحة، إذ تشير التقارير إلى أن سرطان الدم الذي أصاب أسماء الأسد تفاقم، وهي الآن في عزلة تامة في أحد المرافق الطبية المرموقة في موسكو لتقليل مخاطر العدوى. فضلاً عن ذلك، فمن المشكوك فيه ما إذا كان الأسد قد تكيّف مع وضعه الجديد كـ”منفى ثري” يقضي أيامه في الحفلات، وأخيراً، سواء شاء أم أبى، فإن المخاوف الأمنية الشخصية تلاحقه إلى العاصمة الروسية.
الهاجس الأمني
ويكشف الصحافي أن مصادره في أجهزة الأمن الروسية تفيد بأن “نصف جهاز الأمن الفيدرالي مكلف بحماية الأسد”، وإن كان في هذه المعلومة شيء من المبالغة، إلّا أنّه يقول إن “الروس يأخذون أمن الأسد وأفراد عائلته على محمل الجد”، وحينما يُسأل عمّن قد يعرّض أمن الأسد للخطر، يشير الصحافي الروسي إلى “مواطني دول آسيا الوسطى التي كانت ذات يوم جزءاً من الاتحاد السوفييتي، الأوزبك والطاجيك، الذين يمكنهم دخول روسيا دون تأشيرات”. ويتابع في هذا السياق، “لقد قاتل مواطنو هذه الدول في صفوف الجماعات الجهادية في العراق وسوريا، وانضموا إلى “داعش”، وعاد بعضهم إلى بلدانهم الأصلية، وقد يأتون إلى موسكو سعياً للانتقام من الرجل الذي قمع رفاقهم الجهاديين”.
مستقبل الأسد
السؤال إذاً يكمن في مستقبل الأسد، وفي هذا السياق، يتوقع الصحافي الروسي أن “يخوض الأسد غمار الأعمال التجارية، إن لم يكن شخصياً فمن خلال أبنائه. وقد تم بالفعل بناء الأساس له، استناداً إلى الأموال النقدية التي تم نقلها جواً من سوريا قبل عدة سنوات”، مشيراً إلى ما يقوله مطلعون عن “نقل الأسد 250 مليون دولار من الأوراق النقدية، التي يبلغ وزنها الإجمالي طنين، إلى موسكو في أكثر من 20 رحلة جوية”.وبحسب ما يذكره الصحافي، ففي مايو/أيار 2022، أسس ابن عم الأسد إياد مخلوف شركة عقارية في موسكو، “فقط الأعمى لن يفهم من هم المالكون الحقيقيون للشركة ومن أين تأتي أموالها”، ويلفت إلى أنّ “إذا تعافت أسماء، فقد تنضم إلى العملية، لكن آمال العائلة ترتكز على حافظ الأسد، الابن الأكبر لبشار، الذي أكمل دراسة الدكتوراه في جامعة موسكو الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وبفضل دراسته، يفهم الثقافة الروسية، وهو معروف هناك أيضاً”.
نادي الديكتاتوريين
“إنها ظاهرة شائعة في نادي الدكتاتوريين المخلوعين الذي يتشكل في موسكو، فالأطفال يتكيّفون بشكل أسرع مع الوضع الجديد ويجدون طرقاً لاستغلال وضعهم كمنفيين متميزين على النحو الأمثل”، كما يزعم الصحافيّ.ويضم هذا النادي عضوين، هما بشار الأسد وفيكتور يانوكوفيتش، الرئيس الأوكراني السابق، الذي تم إجلاؤه أيضًا إلى روسيا قبل لحظات من انهيار نظامه، ويخمّن الروس من هو العضو الثالث في هذا النادي، والتكهنات الشعبية تقول إن نيكولاس مادورو من فنزويلا ربما يكون الضيف الجديد، أو دانييل أورتيغا من نيكاراغوا، أو ربما ألكسندر لوكاشينكو من بيلاروسيا، وفق الصحافي الروسي.في المحصّلة، فإنّ الأسد انتقل من أسلوب عيش إلى آخر مختلف كلياً، لكن لا حلّ أمامه إلّا التكيّف مع الواقع الجديد، والأنظار ستشخص على مستقبله ومستقبل تعامل روسيا معه، وما إذا كانت ستستمرّ في تأمين اللجوء له أو ستسلمه إلى السلطات السورية الجديدة أو حتّى إلى العدالة الدولية.