شيعة… شيعة… وصل الى مسامعي (لبناني… لبناني)

شيعة .. شيعة.. شيعة! ما المقصود برفع هذا الشعار، بالمقابل هناك من سيرد عليكم ماروني ماروني… سني سني سني… درزي درزي… كاثوليكي كاثوليكي… شيعة شيعة يجب أن يكون هتاف سلام وايمان، ليس للتحدي، فالشيعة هي الفكر الاممي الذي رسم أسسه سيد البلاغة والحق الامام علي بن أبي طالب؟ الذي فاض قلبه بالايمان والعدالة والانسانية، الذي كتب لوالي مصر مالك الأشتر قائلاً له: “يا مالك لا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً، تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ وإِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ” هذا الامام الذي كتب عن فضائله المفكرون المسيحيون في لبنان، أكثر ما كتبه المسلمون، من (جوزيف الهاشم)، وكتابه حول الامام علي وتحت عنوان (علويات)، الى (الامام علي صوت العدالة الانسانية) للاديب المسيحي جورج جرداق، الى ملحمة (عيد الغدير) لبولس سلامة..
شيعة… شيعة شيعة، الا تذكرون بأن الامام الحسين وقف بوجه الظلم بكل إيمانه، واستشهد مظلوماً لا ظالماً.. ألا تتذكروا ما قاله الامام زين العابدين الذي كان امام التسامح والمحبة، عندما أوصى شيعته: “كونوا لنا زيناً ولا تكونوا شيناً”… “كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والصلاح والخير..”
شيعة… شيعة… شيعة، والكل يتذكر صرخة الامام موسى الصدر، خلال الحرب الاهلية 1975، يوم الهجوم المسلح على بلدتي دير الاحمر وشليفا المسيحيتين: “إن كل طلقة تُطلق على دير الأحمر، أو القاع أو شليفا… إنما تُطلق على بيتي وعلى قلبي وعلى أولادي، وأن كل فرد يساعد على تخفيف التوتر أو إطفاء النيران، إنما يساهم في إبعاد النار عني وعن بيتي وعن محرابي ومنبري”. الامام الصدر الذي حاضر في شباط 1975، في كنيسة الاباء الكبوشيين لمناسبة الصوم، تحت صليب كبير علق عليه يسوع الناصري،وقال عنه غسان تويني (الذي كان من بين الحضور) في هذا المجال: “… لا أحد من قبله، منذ أن كان الاسلام، وقف في كنيسة واعظاً ومرشداً… موسى الصدر رجل الحوار والمحبة والعيش المشترك… مارد جبار كأنه نزل من اللانهاية يتوجه الى المصلين المستظلين معه صليباً معذباً على حائط”.
شيعة… شيعة… شيعة… نعم اولئك الذين شاركوا في الوفد اللبناني برئاسة البطريك الياس الحويك، لحضور الجلسة الثانية لمؤتمر الصلح عام 1919، للمطالبة باستقلال لبنان بحدوده التاريخية.
شيعة شيعة شيعة… نعم اولئك الذين قاتلوا العدو الاسرائيلي، ووقفوا بوجه مؤامرة التقسيم والتوطين الفلسطيني في لبنان، الى جانب اللبنانيين؟
شيعة… شيعة… شيعة الذين كانوا خزان الجمعيات، والأحزاب اللبنانية، والوطنية، واليسارية، وحتى ضمن أحزاب اليمين، ووقفوا مع حركات التحرر العربية والعالمية، والمقاومة الفلسطينية، ولم يتقوقعوا لا في ثنائي، ولا ثلاثي، ولا رباعي. فالشيعة أكبر من اختزانهم داخل هذه المعادلة وهم ليسوا ركاب بوسطة يقودها سائقها يمنة أو يساراً.. شيعة… شيعة… هم الذين اعترفوا بنهائية الوطن اللبناني، ومنهم اولئك الائمة الاخيار من أبناء جبل عامل في الجنوب الذين هاجروا الى ايران للدعوة والتبشير لـ”هداية”الفرس، فسميوا بالمهاجرين، وكانوا أئمة العلم والورع والتقوى.
شيعة… شيعة اولئك الذين تتصدر منازلهم صور السيدة العذراء، ويتقاطرون دوماً لايفاء نذورهم في مزار سيدة حاريصا، وفي الجنوب في مزار سيدة المنيطرة في مغدوشة، ومزار سيّدة المعبور في جزين، وفي البقاع في مقام سيدة زحلة، وفي مزار سيدة بشوات في بعلبك، ودير ما مارون في الهرمل، ودير وكنيسة سيدة الميلاد في رأس بعلبك… الشيعة محبة كما باقي المذاهب، وهي مذهب الانفتاح والاجتهاد.
الشيعة فكر وعقيدة ايمانية، كما باقي الأفكار والعقائد، لا شعارات للتحدي، ولا الاستفزاز، بل للتقارب، والتلاقي في ظلال اله واحد، وتحت سماء وطن كل منا قدم الشهداء دفاعاً عنه، وفق قناعاته، ومفاهيمه، ومهما اختلفت تلك القناعات والمفاهيم، الا ان الشهداء هم الشهداء ومن كل الاطراف،سقطوا من أجل لبنان، سقطوا لنبقى، ويبقى هذا الوطن، الذي يجب أن توحدنا محبته، ويكون وطن الجميع، وطن العدالة والمساواة.
صبحي منذر ياغي – نداء الوطن



