ندوة وتوقيع كتاب طوني عطاالله: سمّو الدستور ووحدانية الدولة ميثاق لبنان ودولة الحق

سمو الدستور ووحدانية الدولة: ميثاق لبنان ودولة الحق”, كان عنوانًا لندوة وحفل توقيع كتاب العميد الدكتور طوني عطاالله, أُقيمت بدعوة من بلدية زحلة-معلقة وتعنايل ومجلس قضاء زحلة الثقافي. وشاركت نخبة من الزحليين والبقاعيين في حفل مميز حضره النائب بلال الحشيمي, والنائبان والوزيران السابقان خليل الهراوي وايلي ماروني, والاب إفرام حبتوت ممثلاً المتروبوليت أنطونيوس الصوري راعي أبرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما, والنائب الاسقفي العام على ابرشية زحلة للروم الملكيين الكاثوليك الارشمندريت ايلي معلوف, ورئيس دير القديس انطونيوس الاب جوزف شربل, ومدير عام غرفة التجارة والصناعة والزراعة يوسف جحا ممثلاً رئيس الغرفة وحشد من المحامين واهل الفكر والثقافة وعاملين في مهن حقوقية وتربوية وفاعليات اجتماعية.
شكّل اللقاء مناسبة جامعة في الصرح البلدي في زحلة جمعت وجوهًا من زحلة والبقاع تناولت مواضيع دستورية, وجاءت كمسار مختلف عن الخيارات والطروحات الرائجة اليوم في الخطاب السياسي, وما تنادي به من لامركزية وفدرالية ودويلة رديفة وصيغ وأشكال أخرى تعبّر عن محاولات إرساء إيديولوجيات تتجاهل الدولة ووحدانيتها خلافًا للتراث اللبناني الغني والمفيد في إدارة التنوع.
غزالة: حرّاس هوية المدينة
استهل الحفل بكلمة رئيس البلدية المهندس سليم غزالة: “نحتفي اليوم بإصدار للصديق العميد الدكتور طوني عطاالله, وهو ليس مجرّد صفحات بين غلافين, بل نبض يحاكي وجدان لبنان, وصوت حكمة يعلو في وجه الإنحراف السياسي والتفريط بالقيم الدستورية. يعبّر الكتاب عن شجاعة فكرية نادرة, يطرح الأسئلة بصراحة, ويواجه التناقضات بلا مساومة… إن بلدية زحلة-المعلقة وتعنايل ليست فقط مقرًا للإدارة, بل نحن حراس هوية المدينة, وصوت توازنها, صامدون دفاعًا عن إنتمائها الوطني. الكتاب هو دعوة للصحوة. لا دولة من دون دستور والشكر للمؤلف الذي حوّل قلمه سيفًا للحق وكلماته نورًا في دروب الأمل. نحية لمن يعملون بصمت ويجمعون بين الفكر والعمل, ويصنعون الأمل بدل اليأس. عاشت زحلة قلعةً للعز والحضارة, عاش لبنان حرًا أبيًا صانع تاريخ لا ينكسر”.
مخول: صوغ الحلم اللبناني
ثم أجرى رئيس مجلس قضاء زحلة الثقافي مارون مخول تقييمًا للكتاب. رأى فيه: “نحن أمام صوت رافض للفساد نابع من صلب الجراح اللبنانية, بستظل المنطق والتحليل السليم, حروفه تنقش في ضمير كل من لا يزال يؤمن ان لبنان لا يموت, ما دام فيه من يكتب بحكمة ويصرخ بقلب وطني شجاع. يجول الكتاب في أعماق الذاكرة الوطنية, ويعيد صوغ الحلم اللبناني فكريًا ضمن مشروع السلم الأهلي”. وتوقف عند ما ورد في الكتاب “حول التطور والاستثناءات في التشريع الإنتخابي اللبناني مبينًا كيف افتقرت قوانين الانتخاب منذ 1992 للإلتزام بالمعايير الحقوقية والدولية الدنيا. والكتاب هو خارطة مستقبلية وباب مشرع نحو العيش معًا”.
حجار: دفاعًا عن الدستور
بدوره استهل مدير تحرير جريدة “النهار” الصحافي غسان حجار كلمته بتهنئة رئيس البلدية سليم غزالة معربًا عن شوقه دومًا “لرؤية زحلة عروسًا حقيقية تخطو نحو مستقبل واثق”. واستوحى من إسم رئيس البلدية تحية إكبار للمطران سليم غزال, “الملتزم مسيحه قولاً وفعلاً, ولمطران عظيم مرّ من هنا, هو من سلسلة عظماء” عايشه شخصيًا هو المطران أندره حداد الذي “ترك بصمة كبيرة في تاريخ المدينة وكل البقاع”. وقال: “أُلبّي الدعوة مسرورًا, لا للتعبير عن الصداقة, بل عن الامتنان لهذا العمل في زمن عدم الإكتراث, بل الدوس على القوانين وتخطيها وتعديلها تحت ضغط الوصايات على أنواعها, والمصالح الضيقة التي تحكم الحياة السياسية”.
وأضاف: “لعل ما ختم به طوني عطاالله كتابه كان يستحق البداية في الصفحة 404, يروي قصته مع محافظ البقاع في العام 1995 الذي أرسل له كتاب تنبيه وإنذار على تجرؤه التوقيع على عريضة رافضة لتعديل الدستور والتمديد لرئيس الجمهورية”. ثم تلا دفاع المؤلف وردّه على المحافظ معلنًا رفضه التنبيه لأن ” الدفاع عن الدستور لا يُعدّ إشتغالاً بالسياسة. احترام الدستور والتقيّد بأحكامه هو عمل فوق السياسة والأحزاب والعقائد. الدستور هو القانون الأسمى وملاذ المواطنين”. وعلّق حجار: “رائعة تلك العبارة, لأنها تجسد حقيقة منسية باستمرار. فالمشكلة ليست في الدستور بل في تطبيقه. المشكلة في يتمه وعدم وجود من يدافع عنه إلا قلة, بل المشكلة في تخطيه المقصود عمدًا لتحقيق المصالح التي ذكرناها. طوني عطاالله في كتابه, دراسات ومقالات, من الضروري ان تجمع وتحفظ, لا لتبقى إنجازًا لصاحبها, وللمؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم, بل لتكون عاملاً مساعدًا وموجهًا لكل العاملين والناشطين في الشأن العام على أشكاله, أمثالنا, فنجد المرجع الصالح, على الأقل في مداخلاتنا, ومقالاتنا, ونقاء مواقفنا”.
مسرّة: الإتفاقات المشبوهة وكوارثها
بدوره تحدث الدكتور أنطوان مسرة عضو المجلس الدستوري (2009-2019) وقال: “يتميز كتاب البروفسور العميد طوني جورج عطاالله بالتجدد والأصالة والشمولية في مقاربة النظام الدستوري اللبناني خارج سجالات حيث تلوثت طوال سنوات المفاهيم والمصطلحات والممارسات وتعمّم التلاعب والمخادعة نقيضًا للقواعد الناظمة للحياة العامة. ينقل المؤلف خبرته الواسعة في التعليم الجامعي والتأليف ومشاركته في الحياة العامة. كان عميدًا للمعهد العالي للدكتوراه في الحقوق والعلوم السياسية والإدارية والإقتصادية في الجامعة اللبنانية (2014-2020) وأستاذًا في الجامعة اللبنانية, وجامعة القديس يوسف, محاضرًا متطوعًا في خدمة العلم (1994-2001), وهو عضو الهيئة التنفيذية في المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم. تتمحور مؤلفاته حول الدستور والمواطنية والسياسات العامة. يساهم الكتاب في استعادة البوصلة والتأسيس لمرحلة جديدة في سمو الدستور ورئاسة الدولة إستنادًا إلى جذور المادة 49 من الدستور وطبيعة الحكومات “الإجرائية” ارتكازًا إلى مجمل الفصل الرابع من الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وإنطلاقًا من الآباء المؤسسين من الحكماء أمثال الرئيس حسين الحسيني”.
وتابع: “يجمع الكتاب دراسات نابعة من الغوص في أبحاث عالمية ومقارنة ويحذر من استنساخ هيمنة فئوية تطبيقًا لعقيدة صهيونية في هيمنة أقلية على أكثرية. الكتاب ثمرة إختبار طويل في أوضاع لبنانية حيث لا تستقر أية منظومة حقوقية في حالات إحتلال مباشر أو بالوكالة واللادولة. يقارب المؤلف الحياد من منطلق إختباري واقعي ومعاش بعنوان: كوارث لبنان في اللاحياد. لا يجد القارئ في الكتاب سطرًا واحدًا يندرج في ببغائية حول مقولة الطائفية وما يوصف “بالنظام”, بدون التوضيح إذا كان المقصود نص الدستور أو الممارسة أو خطاب السوق”.
وختم مسرة تقييمه بالقول: “يُستخلص من الكتاب الجديد للدكتور طوني عطاالله انه لا يمكن استمرار اللبنانيين كما في السابق مع إتفاقات مشبوهة في السيادة (1969 ثم 2006) وتداعياتها الكارثية واجترار مقولات اسطوانية وتعليق العمل بالدستور والمخادعة وعقدة الباب العالي والمعليشية بشأن وحدانية الدولة, بالإضافة إلى ما يقوله جبران خليل جبران: “ويل لأمة…”, نقول: ويل لأمة لم تتعلم! يساهم تاليًا الكتاب في التعلّم إنطلاقًا من البحث العلمي والاختبار اللبناني”.
وختامًا كلمة المؤلف شكر الحضور والجهتين المنظمتين بلدية زحلة ومجلس قضاء زحلة الثقافي وكل الذين لبوا الدعوة, معتبرًا ان “النخبة المحتشدة اليوم في الصرح البلدي التاريخي العريق هو مؤشر على أن الأمل لا يزال حيًا في نفوس اللبنانيين باستعادة الدولة ولصالح الجميع”.


