فضيحة الأدوية المزورة: تحقيقات تتوسع وشهادات موجعة!

يتوسّع التحقيق في واحدة من أخطر الفضائح الصحية في لبنان, تتعلق بتهريب أدوية مزوّرة, بعضها مخصص لعلاج مرضى السرطان, عبر مطار رفيق الحريري الدولي, في إطار شبكة معقّدة تضم عناصر أمنية وشخصيات نافذة. وقد ارتفع عدد الموقوفين إلى خمسة, في وقت يكشف فيه الملف عن تجارة علنية بأرواح الناس وسط أزمة دواء خانقة عاشها لبنان في السنوات الماضية.
ليست هذه أولى قضايا التهريب, لكنها من أكثرها صدمة, بعدما تبين أن الأدوية المهرّبة والمزورة كانت تباع بأسعار خيالية, في بلد يعاني من انهيار اقتصادي وعجز في تمويل وزارة الصحة.
“دواء مغشوش كاد يقتلني”
فاديا المكاوي, شابة ثلاثينية مصابة بسرطان الثدي, تروي كيف حصلت على دواء من تركيا بسعر 900 دولار بعدما عجزت عن تأمينه في لبنان. لكن الدواء, حين خضعت لجلسة العلاج, تحوّل إلى كتلة بيضاء داخل المصل, لتكتشف الطبيبة أنه مزور, وكان من الممكن أن يؤدي إلى وفاتها. غادرت فاديا لبنان إلى مصر ثم قطر, مؤكدة أنها لا تفكر في العودة إلى بلد “باع مرضاه”.
قصتها, كما يشير التقرير, ليست استثناءً, بل نموذجًا لمأساة عاشها مئات المرضى بين عامي 2022 و2023, في ظل انقطاع الأدوية وازدهار سوق التهريب.
“تجار الحقائب” ومجزرة المرضى
رئيس جمعية “بربارة نصار” لدعم مرضى السرطان, هاني نصار, وصف ما حصل بأنه “مجزرة بشرية”, مؤكدًا أن المرضى اضطروا للجوء إلى من وصفهم بـ”تجار الحقائب”, الذين وفّروا أدوية مشبوهة من الخارج وباعوها بأسعار باهظة. غالبية هذه الأدوية لم تخضع لأي فحوص أو رقابة, ما تسبب بتدهور حالات صحية وربما وفيات.
الصيدليات كانت أيضًا هدفًا لهؤلاء التجار, إذ عُرضت عليهم الأدوية بأسعار أقل, دون معرفة فعاليتها أو حتى مصدرها.
تحذيرات طبية
الطبيب المتخصص في سرطان الدم, د. جان الشيخ, أوضح أن الأدوية المهربة بشكل عشوائي قد تسبب الوفاة, إذ لم تخضع لفحوص مخبرية ولم تمر عبر وزارة الصحة. ولفت إلى أن الجامعة الأميركية في بيروت رفضت استخدام أي دواء غير مرخّص, حرصًا على سلامة المرضى.
في المقابل, أشار إلى أن نسب الشفاء من السرطان ارتفعت إلى أكثر من 80% مع توفر العلاج المناعي الحديث, مؤكدًا أن المرض لم يعد قاتلًا إذا شُخّص وعولج بشكل صحيح.
القضاء أمام امتحان العدالة
اليوم, تتجه الأنظار إلى القضاء اللبناني, في مطالبة بمحاسبة صارمة لكل أفراد الشبكة, بمن فيهم من يتمتعون بغطاء سياسي. فالجريمة لم تكن تهريبًا فقط, بل قتلًا متعمدًا في زمن المرض والجوع.
اللبنانيون ينتظرون عدالة لا تساوم… في بلد اعتاد مرضاه أن يطرقوا جرس الأمل, وحده القضاء قادر على أن يدقّ جرس الإنصاف