ماذا ينتظر البقاع الغربي وراشيا في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

ماذا ينتظر البقاع الغربي وراشيا في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
البقاع الغربي وراشيا أمام الاستحقاق النيابي: معركة مفتوحة واحتمالات تتغيّر
تحالفات مربكة… وقواعد انتخابية شديدة الحساسية
مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، يدخل البقاع الغربي وراشيا مرحلة سياسية دقيقة، تحمل معها تنافسًا غير مسبوق بين القوى التقليدية والوجوه المستقلة واللوائح المحلية. الدائرة التي لطالما شكّلت ساحة صراع سياسي ـ عائلي ـ طائفي، تبدو اليوم أكثر انفتاحًا على احتمالات جديدة قد تغيّر تركيبتها التمثيلية.
لم تعد معركة البقاع الغربي وراشيا مجرّد سباق على ستة مقاعد نيابية موزّعة على الطوائف، بل تحوّلت إلى اختبار حقيقي لوزن التحالفات، وحجم التحولات الاجتماعية، ومدى قدرة القوى التقليدية على الصمود أمام موجة السخط الشعبي والمطالب الإنمائية المتراكمة.
في هذه الدائرة، كل مقعد يعني توازنًا سياسياً، وكل صوت قادر على قلب المشهد.
أولاً: ميزان الحواصل… المعركة التي لا ترحم
تُعدّ هذه الدائرة من أكثر الدوائر حساسية لجهة الحواصل، حيث يفرض تنوّعها الطائفي على اللوائح أن تكون متوازنة بدقة. وأي خلل أو انقسام داخل الطائفة الواحدة — خاصة السنية أو المسيحية — قد يؤدّي إلى خسارة مقعد كامل أو فوز آخر لم يكن في الحسبان.
ثانياً: حضور العائلات… لاعب لا يمكن تجاهله
رغم تبدّل المزاج السياسي العام، لا يزال العامل العائلي عنصرًا حاسمًا في البقاع الغربي.
فكثير من القرى والبلدات تُحسم توجهاتها بناءً على امتداد العائلات الكبرى ونفوذها البلدي، ما يجعل اللوائح مضطرة لتقديم أسماء تحظى برضا هذه القواعد، أو على الأقل عدم معارضتها.
ثالثاً: القوى التقليدية بين تثبيت مواقعها… والتحوّط من المفاجآت
القوى السياسية التقليدية، التي حافظت على حضورها في الانتخابات الماضية، تستعد لاستحقاق قد يكون أكثر حدة.
وتشير المؤشرات إلى:
إعادة تموضع في الشارع السني بعد غياب “المرجعية التقليدية”.
تنافس درزي محكوم بمعادلات دقيقة داخل راشيا.
صراع مسيحي بين القوات والتيار وشخصيات محلية مستقلة.
استمرار الثقل الشيعي في القرى المختلطة والمحددة.
ورغم أن هذه القوى ما تزال قادرة على الحشد، إلا أن غرفة العمليات الحزبية تدرك أن أي خطأ طفيف في تركيب اللوائح قد يثبت خسارة غير محسوبة.
رابعاً: المستقلون… فرصة حقيقية أم ضجيج انتخابي؟
بعد الانتخابات البلدية الأخيرة، ظهرت مجموعة من القوى المحلية والمستقلين الذين راكموا حضورًا لافتًا في البلدات والاتحادات.
وإذا ما تمكنوا من توحيد صفوفهم في لائحة واحدة، وتقديم برنامج إنمائي قابل للتطبيق، فإن إمكانية خرقهم ليست مستبعدة، خصوصًا في المقاعد المسيحية والسنية حيث التشتت مرتفع.
خامساً: الإنماء… كلمة السر في معركة البقاع
البقاع الغربي يعاني من مشكلات مزمنة:
طرقات متهالكة، مؤسسات رسمية شبه غائبة، انقطاع مياه، انهيار زراعي، وانعدام فرص العمل.
لذلك، الخطاب الإنمائي سيكون هذه المرة أقوى من الشعارات السياسية.
والمرشح الذي يقدّم خطة واضحة — لا وعودًا عامة — سيحصد حتمًا أصواتًا عابرة للطوائف.
سادساً: نسبة الاقتراع… العامل الذي سيحسم كل شيء
تاريخيًا، يميل الناخب البقاعي إلى التصويت عند الشعور بتهديد أو تحوّل كبير.
لذلك:
ارتفاع المشاركة يصب في مصلحة اللوائح البديلة والمستقلين.
انخفاض المشاركة يتيح للقوى التقليدية إعادة إنتاج نفسها بثبات. وبحسب المزاج العام، الناخب في المنطقة غاضب ولكن متردد… وهذا المزيج قد يفاجئ الجميع يوم الاقتراع.
اختباراً حاسماً
البقاع الغربي وراشيا يتجهان نحو معركة غير محسومة، حيث تختلط التحالفات بالاعتبارات الطائفية والعائلية والإنمائية، وتبقى النتيجة مرهونة باللحظة الأخيرة.
ما هو مؤكد أن الدائرة لن تشهد سباقًا عاديًا، بل اختبارًا حاسمًا للخيارات السياسية والإنمائية والشعبية، وربما بداية تغيير في شكل التمثيل النيابي إذا قرّر الناس ترجمة غضبهم في صناديق الاقتراع.
احمد موسى



