Ad Cover
أخبار زحلة والبقاع

الذكرى العاشرة لرحيل إيلي سكاف… الإقفال غير المعلن لبيت سياسي عريق

لم تكن الذكرى العاشرة لرحيل الزعيم الزحلاوي إيلي سكاف مجرد مناسبة دينية أو عائلية، بل كان يُفترض أن تكون محطة سياسية بامتياز، لإعادة ترميم الحالة السكافية واستنهاض جمهورها الزحلاوي والبقاعي الذي لطالما شكّل ركيزة للكتلة الشعبية، ودرعًا لموقع العائلة السياسي في زحلة ولبنان. لكن ما حصل في 11 تشرين الأول 2025، كشف العكس تمامًا: حالة من الاندثار السياسي والتنظيمي، وانفصال تام بين القيادة والجمهور.

إختيار المنظمون نقل القداس التذكاري من كنيسة سيدة زحلة، التي تتسع لأكثر من ألف شخص، إلى كنيسة سيدة النجاة، ذات الطاقة الاستيعابية المحدودة (نحو 300 شخص)، كان خطوة كشفت عن انعدام الثقة في الحشد الجماهيري، لكن المفارقة أنه حتى هذه المساحة الصغيرة لم تُملأ، رغم توجيه الدعوة باسم “الكتلة الشعبية” وإرسال عشرات الرسائل والاتصالات لحثّ المناصرين على الحضور.

المشهد، بهذا الشكل، لم يكن مجرد خيبة تنظيمية، بل إعلان صريح عن أفول الحالة السكافية كما عُرفت تاريخيًا. فبيت سكاف العريق والجامع في زحلة كان ركيزة من ركائز العمل السياسي البقاعي، بدا امس خاليًا من روحه، ومن ناسه.

الحضور الخجول شكّل صدمة لمن اعتاد رؤية الزحالنة يتوافدون تلقائيًا إلى المناسبات المرتبطة باسم إيلي سكاف، لا بفعل التحشيد بل بدافع الوفاء والولاء. فعدد المقاعد الفارغة لم يكن مجرد إحصاء رقمي، بل مؤشّر على تآكل القاعدة الشعبية للكتلة، وتراجع موقع آل سكاف في الوجدان الزحلاوي.

الغياب اللافت للوجوه الزحلية الوازنة، رؤساء بلديات ومخاتير وأعضاء سابقين في الكتلة، أكد أن الهوة بين القيادة الحالية وما تبقى من “الكتلة الشعبية” وبين جمهورها، باتت عميقة.

أما على المستوى العائلي، بدا الشرخ أكثر وضوحًا: آل سكاف غابوا بالكامل، باستثناء جبران سكاف نجل ايلي الأصغر، فيما غاب جوزيف سكاف للسنة الثالثة على التوالي، في ظل خلافه المستمر مع والدته. وهو غياب لا يمكن فصله عن السياق العام.

والأكثر دلالة، كان الحضور الرمزي لآل طوق والد السيدة ميريام سكاف النائب السابق جبران طوق، وشقيقها النائب الحالي وليام طوق في مناسبة من المفترض أن تكون عائلية وشعبية بامتياز. حضورهم، وسط غياب الزحليين والسكافيين، طرح أكثر من علامة استفهام حول من يمثل من، وأين أصبحت الكتلة في معادلة القوى الزحلية.

فرغم الجهود المتعددة لحشد الحضور، من اتصالات مباشرة إلى رسائل “واتساب” من أرقام مجهولة، فإن الشارع السكافي لم يستجب. وهذه ليست مجرّد “خيانة للذكرى” كما قد يروّج البعض، بل على العكس، هي تعبير صريح عن تمسك السكافيين بإرث زعيمهم الحقيقي، ورفضهم لأي محاولة لإعادة توظيف هذا الإرث من دون صدقية أو مشروعية.

فلا يخفي سكافيون انتقاداتهم ليقول بعضهم “الناس لم تنسَ إيلي سكاف، لكنها رفضت أن تكرّمه في ظل غياب من يمثل فعليًا نهجه وشخصيته السياسية والاجتماعية”.

تحولت الذكرى العاشرة من فرصة لإعادة إطلاق الحالة السكافية، إلى محطة صامتة تؤذن بإغلاق صفحة سياسية امتدّت لعقود. لم يكن ذلك بسبب رحيل الزعيم فحسب، بل نتيجة سوء الإدارة، الانقسامات العائلية، والخيارات السياسية غير المدروسة التي حصّلت الخيبات في كل استحقاق، بلدية كان أم نيابي، لا بفعل المؤامرات، بل بفعل القرارات، هكذا هي زحلة، التي عرفت كيف تصنع زعاماتها، تعرف أيضًا متى تنزع عنها الغطاء.

(مناشير)

“الموقع غير مسؤول عن محتوى الخبر المنشور، حيث يتم نشره لأغراض إعلامية فقط.”

مقالات ذات صلة