عندما يتحوّل الإعلام إلى وسيلة إبتزاز!
في زحلة ! فبركات و إفتراء بعض أصحاب المواقع اللكترونية ؟

صحافة الاسترزاق بالابتزاز
“لطالما عرفنا الابتزاز كونه سلوكا يعتمده البعض للتهديد بكشف معلومات معينة عن شخص بهدف تدمير سمعته، إن لم يستجب الشخص المهدد إلى بعض الامور المطلوبة منه، وهذه المعلومات تكون عادة محرجة أو ذات طبيعة مدمرة اجتماعيا فماذا أن تحولت الى مواقع الكترونية للتجارة و الإسترزاق؟
للأسف في لبنان، المساحة المفتوحة للصحافة المرئية والالكترونية سمحت لبعض الصحفيين الذين لا مهنة لهم سوى الاسترزاق من خلالها باستخدام وسائل للتشهير والتسقيط او الحط من قدر شخص ومن مكانته إلى درجة أدنى، وخاصة مع كل من يختلفون معه او يجدون مثلبة فيه من خلال خبر مفبرك يتداوله المجتمع او ورقة مزورة او موضوع قد يكون صحيحا يقوم صحفيو الصدفة باستغلاله لابتزاز هؤلاء الاشخاص اما للحصول على المال او لغايات اخرى ، كالتسقيط السياسي او الاجتماعي.
هذا الاسلوب الذي يستخدمه بعض الدخلاء على الصحافة يعتبر اسلوبا خطرا يهدد صحافتنا ويمس بمصداقيتها عند اللجوء الى الاخبار الكاذبة والزائفة لتحقيق غايات دنيئة.
فاللجوء الى اسلوب الابتزاز لأجل الحصول على المال بطرق غير مشروعة يعتبر أمرا مستغربا في بلد تسوده القيم والاخلاق الدينية والاعراف العشائرية العريقة ، والصحفي الذي يستخدم هذا الاسلوب يكون قد خرج عن رسالته المهنية النبيلة بعد ان اصبح قلمه وسيلة للاسترزاق على حساب كرامة الناس ومسيئا لمهنة الصحافة ولزملائه الصحفيين وخاصة بعد المهزلة الحاصلة في سوق المواقع الالكترونية في البقاع و تحديدا في زحلة.
ونظرا لتوسع وانتشار ظاهرة استخدام الصحافة لأغراض الابتزاز توجهنا بسؤالين الى عدد من الكتاب والصحفيين والمحللين ليجيبوا عليهما؟
السؤال الاول : ظاهرة الصحافة التي تعتمد على الابتزاز للحصول على مبتغاها.. ما هي وجهة نظرك حولها؟
السؤال الثاني: هل تعتبرها وجها آخر للإرهاب، وما هي الأدوات التي ممكن استخدامها للقضاء عليها؟
الكاتب والمحلل السياسي الزحلي ، تحدث لنا قائلا :
مازالت الصحافة في لبنان تشكو من التأثيرات والضغوطات السياسية والاجتماعية ، في ظل مضايقات واضحة في حق الحصول على المعلومة ، وما زالت تعاني من عدم وجود معايير تقنن العمل الصحفي دون مجاملات ، فالانتقائية والمحسوبية يلعبان دورا كبيرا بعدم كبح جماح بعض التصرفات المستهجنة في بعض الاحيان ، في ظل عدم وجود تشريعات صارمة لحماية الصحفيين من الابتزاز، وحماية الاخرين من بعض الصحفيين الذين يمارسون عليهم الابتزاز ، لذا ينبغي النظر بموضوعية لتشريع قوانين صارمة تنظم العمل الصحفي وتجعل نقابة الصحفيين المرتكز الحقيقي الذي يحمي الحقوق والحريات من بعض ضعفاء النفوس.
وفي ردٍ على السؤال الثاني، اعتبر المحلل السياسي الزحلي ان الارهاب لا يمكن ان يكون له لون واحد ، بل له صور واشكال مختلفة ، فالارهاب الفكري والابتزاز بشتى انواعه هو عملية خرق وتشويه لسمعة الصحافة وللاقلام الحرة التي تهدف الى تقويم الاداء الحكومي والمجتمعي وليس للابتزاز او لكي تكون اقلاما للايجار. فمهنة الصحافة هي المرآة التي تعكس سمعة لبنان في المحافل الدولية ، وهي من تعيد الثقة باداء المؤسسات الحكومية.
من جهتها، اوضحت لنا كاتبة و صحافية مخضرمة وجهة نظرها حول الامر، بالقول :
بعد رحيل الوصاية السورية عام ٢٠٠٥، ظهرت لنا مؤسسات مشبوهة، تعمل بعنوان الصحافة والإعلام ، وانا اطلق عليها “دكاكين” تستخدم عنوان الصحافة اللبنانية ، وللأسف هذه الدكاكين تعمل بدون اي رقابة او متابعة او محاسبة، ما جعلها تستخدم أسلوب الابتزاز، وقد عملت على إبتزاز سياسيين ووزراء ووكلاء وزارات ، وتجار ومقاولين و أصحاب كسارات و مرشحين الى الإنتخابات، وهذا واضح لدى كل من يعمل في المجال الصحافي اللبناني عامة و الزحلي خاصة ، وقد أصبح هؤلاء المبتزون أثرياء يمتلكون عقارات وسيارات فخمة وشركات، حصلوا عليها عن طريق الصحافة الابتزازية ، وهذا يُعتبر ارهابا من نوع آخر ، لذلك على نقابة الصحافة اللبنانية و المجلس الوطني للإعلام المرئي و المسموع أن يقوما بواجبهما ويغلقا دكاكين الابتزاز والسمسرة ، وكذلك الحكومة اللبنانية مطالبة بالتعامل مع الصحافة الرسمية وليس مع صحافة الغرف المشبوهة .
الى ذلك، أوضح لنا مرجعاً سياسياً كبيراً في البقاع، ان ظاهرة الصحافة التي تعتمد على الابتزاز للحصول على مبتغاها هي حاضرة ومؤذية وسلبية للغاية وهناك مبتزون ايضا كافراد ومجموعات يعتمدون في عملهم على فساد المسؤول الذي يحاول التستر عن فساده عبر اغراء المبتزين والصحفيين المبتزين، ونحن ضد هولاء وسنحاربهم دائما ونعمل على دعم اي تشريع يردعهم.
وفي الخلاصة، كان لأحد الكتّاب والاعلاميين وجهة نظر أكثر شمولية حول موضوع الصحافة التي تعتمد على الابتزاز ونشر الاخبار الملفقة من قبل الجيوش الالكترونية، فهي في الحقيقة شوّهت الصحافة وغيّبت الكلمة الصادقة للصحافة ، فالرسالة المهمة للعمل الصحفي هي نقل الحقيقة بدون ًروتوش” أو تحيّز أو مجاملات ، لكن ان يعمد البعض وللأسف من العاملين في الصحافة على ابتزاز المسؤولين والمشاهير والتجار والمستثمرين من خلال بث اخبارا كاذبة او مفبركة بغية ابتزازهم، فهذا ما شوّه المعنى الحقيقي للصحافة وادى الى تراجع العمل الصحفي، حيث بات يُنظر الى الكثير من الصحفيين نظرة الشك والريبة ، واعتقد ان من يقوموا بهذا العمل هم بالنتيجة دخلاء على المهنة ولا يفقهون الرسالة التي يجب ان تؤدى من خلال مهنة االصحافة .
ولكيفية القضاء على هذه الظاهرة ، حتما هناك تجارب عالمية في دول ديمقراطية عريقة وضعت أطر وقوانين وتعليمات تنسجم مع الانظمة الديمقراطية وفي الوقت عينه تمنع ظاهرة الابتزاز وفبركة الاخبار وتغييب الحقائق ، نحن لا نريد ان نكمّ افواه الصحفيين ولا ان نسعى الى كمّ أفواهنا من قبل تشريعات قاسية تعود بنا الى فترات وحقبات قديمة قد ولّت وانتهت، ولا نريد ان نعطي الذرائع ليتحول هذا النظام الى دكتاتوري في تعامله مع العمل الصحفي ، جُلّ ما نريده ان تكون هناك ضوابط معينة ومحددة آخذين بتجارب عالمية كما هو حال الدول ذات الانظمة الديمقراطية ، ولا نريد ان نضع عملنا تحت سلطة دكتاتورية، لكننا نريد مجموعة من القوانين والانظمة والتعليمات التي تكفل حرية العمل الصحفي من جهة، وضبطه ورصانته من جهة أخرى تكفل الحق للصحفي وللشخص المستهدف في آن معاً، وأن يكون لكلاهما ضوابط او موانع قانونية يستطيع من خلالها ان يثبت كل منهما برائته ويمنع الاخرين من ابتزازه، لذلك نعتقد أننا أصبحنا بحاجة الى تشريع قوانين بشكل هادئ تنسجم مع طبيعة نظامنا السياسي وفلسفته آخذين بعين الاعتبار عدم اعادة الحقبات السابقة في التعامل مع الاسرة الصحفية.
فظاهرة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الاخرى من قبل بعض المحسوبين على الصحافة بالتشهير للشخصيات العامة وغيرها من اجل الحصول على الاموال او ابعادها عن مواقع المسؤولية ، تشكل خطورة كبيرة على المصالح العامة والخاصة وتهدد حياة المواطنين وتسبب لهم مضاراً اجتماعية ونفسية قد يكون من الصعب التخلص منها على الامد القصير او قد تصاحبهم مدى الحياة بالاضافة الى الاضرار المادية ، كما انها تمثل وجها آخر للارهاب قد يهدد حياة المواطنين او يؤدي الى وفاة الاشخاص المستهدفين بهذا النوع من السلوك او التسبب لهم بسكتة دماغية او دفعهم الى سلوك طريق الانتحار لعدم قدرتهم على تحمل مثل تلك الهجمات.
فمن وجهة نظرنا الشخصية ، يجب وضع قوانين صارمة تحارب هذه الظاهرة، كما يجب تشديد العقوبات على الاشخاص الذين يمارسون هذا السلوك ، وتشكيل محاكم خاصة تستجيب بالسرعة الممكنة لايقاف عمليات التشهير والتسقيط وعدم تركها للمحاكم العامة التي غالبا ما تكون اجراءاتها بطيئة بسبب كثرة القضايا التي ترفع اليها من قبل المواطنين في ظل الظروف التي يمر به البلد وكثرة المشاكل بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وعدم اكتمال عمل المؤسسات والقصور في القوانين .
من جانب اخر يجب مراقبة المواقع الالكترونية التي تمارس هذه الظاهرة والعمل على ايقافها من قبل هيئة مختصة في وزارة الاعلام بتقنيات المعلومات بالاضافة الى عقد اتفاقيات مع اصحاب المواقع الرئيسية وممارسة الضغوط عليهم بعدم الموافقة على مثل هذه الممارسات ، حيث يلاحظ ان مواقع التشهير تنشأ في بلدان اخرى عن طريق اشخاص قد تم الاتفاق معهم وشكلوا شبكات او عصابات منظمة تستخدم مثل هذه المواقع بحيث لا يمكن تشخيصهم من قبل قوى الامن، وبالتالي يصبح الشخص المستهدف مضطراً الى دفع اموالا طائلة لايقاف النشر بحقه.
وأخيرا وليس آخراً، ندعو نقابة الصحافة في لبنان ومنظمات الدفاع عن حقوق الصحفيين العمل مع القضاء المختص من أجل ايقاف هذه الظاهرة الارهابية عبر تقديم مقترحات قوانين تتبع احكاما صارمة والعمل على اقرارها بالسرعة الممكنة.