Ad Cover
أخبار زحلة والبقاع

خاص: جورج الريّس – الجمهوريّة بين شغور الكرسي وإهانة الكيان، أي رئيس نريد؟…

 

في زمن تتهاوى فيه القيم الوطنية أمام أطماع السلطة ومصالح الطوائف، يصبح الشغور الرئاسي، على ثقله السياسي والدستوري، أقل وطأة من أن يُفرَض على الجمهورية رئيسٌ يُفرغها من روحها ويُقزّم موقعها إلى مجرد أداة لخدمة مشاريع الفساد أو التسويات العابرة. إن الجمهورية، بمفهومها الحديث، لا تحتمل رئيساً يعيد إنتاج معادلة “البيوت السياسية” التي كرّست الإقطاع السياسي كنهج لإدارة الدولة، ولا رئيساً يُثقلها بعباءات طائفية وإقطاعية تجاوزها الزمن.

 

إن جوهر الأزمة الرئاسية في لبنان لا يقتصر على الشغور بحد ذاته، بل يتعداه إلى طبيعة الخيارات المطروحة للرئاسة. لبنان اليوم بحاجة إلى رئيس يمثل دولة القانون والمؤسسات، لا إلى زعيم عشائري أو وريث عائلي يتكئ على تاريخ عائلته من دون رؤية مستقبلية. المطلوب ليس رئيساً يُنتخب بتسويات ظرفية تُراعي التوازنات الطائفية وحسابات الخارج، بل رئيسٌ يُعيد الاعتبار لمفهوم السيادة الوطنية، رئيسٌ يحمل مشروعاً للنهوض بالدولة، ويضع حدّاً لمسلسل الانهيارات الذي طال كل أركان الجمهورية.

 

السياسة في جوهرها هي فن بناء الدولة لا تكريس تقاسمها. والرئيس الذي يحتاجه لبنان اليوم يجب أن يكون صنيعة الدولة لا صنيعة الموروث السياسي أو التفاهمات الخارجية. رئيس يُدرك أن لبنان ليس مجرد فسيفساء طائفية تُدار بالتوازنات، بل كيان وطني يُبنى بالعدالة والشفافية والمواطنة الحقة. رئيس يؤمن أن الرئاسة ليست امتيازاً، بل مسؤولية، وأن الإنجاز السياسي الحقيقي يكمن في تحويل الجمهورية إلى دولة تحمي شعبها وتُعلي شأنه.

 

من دون هكذا رئيس، فإن شغور الكرسي الرئاسي، رغم تداعياته، يبقى الخيار الأقل ضرراً مقارنة برئيس يُطيل أمد الانهيار أو يُكرّس نظام المحاصصة. على القوى السياسية السيادية، إذا ما بقيت تؤمن برسالتها، أن ترفض تقديم تنازلات تُجهض معاني الدولة الحديثة. فإنْ عجزنا عن إيجاد رئيس يليق بالجمهورية، فلنبقَ كما نحن اليوم، جبالاً تتنازعها الطوائف، لأن جمهوريةً بلا رئيس خيرٌ لها من رئيس يهين كرامتها ويُفرغها من مضمونها.

 

جورج الريّس | أخبار البلد

“الموقع غير مسؤول عن محتوى الخبر المنشور، حيث يتم نشره لأغراض إعلامية فقط.”

مقالات ذات صلة