“أميركا الجديدة” على مشارف 2030… من “أرض الأحلام” الى “بلاد ما بين الصّهرَيْن”؟؟؟…

أنطون الفتى – وكالة “أخبار اليوم”
ليس صعباً على أي مراقب، ولو من بعيد، أن يلاحظ بوضوح لا لُبْس فيه مجموعة من “المظاهر الشرقية” التي تُحيط بالرئيس الأميركي المُنتَخَب من جديد، دونالد ترامب، على مستويات مختلفة.
مواكب وسلوكيات
فمن حيث المنطق، يعلم الجميع أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية ينعم بمرافقة وحماية أمنية غير اعتيادية. ولكن المُشاهِد العالمي يلاحظ غياب التركيز الإعلامي على تلك المواكب، وحتى على الحراس الشخصيّين، بشكل عام، وذلك بخلاف رؤساء أو زعماء دول شرقية يحبّون إبراز مثل تلك الجوانب، التي تُشعرهم بالقوة تجاه الداخل والخارج إجمالاً.
وأما ترامب، ومنذ ما قبل انتخابه، تبرز في مجموعة معيّنة من “المواد الإعلامية” المرتبطة به، حصّة لا بأس بها لمواكب وسلوكيات أمنية مُفرِطَة، أو حتى شعبية مُحيطة ومُرحِّبَة به هنا أو هناك، تماماً كما لو كان رئيساً لدولة شرقية. وهذا غريب بعض الشيء، وهو يطرح مخاوف عدّة مرتبطة بذهنية ومنهجية حكمه عموماً.
جاريد وإيفانكا…
ومن “المظاهر الشرقية” التي تُحيط بترامب أيضاً، ومنذ ولايته الأولى، هي ما يمكن تسميته بسياسة “الحاشية” نوعاً ما، أو “السّطوة العائلية” الواضحة ربما، داخل إدارة حكمه.
ما سبق ذكره ليس مشكلة بحدّ ذاتها. ولا يمكن ظُلم أي إنسان إذا كان يتمتّع بالقدرة والمرونة على حلّ بعض المشاكل، أو على معالجة بعض القضايا، ومنعه من أن يكون عضواً في إدارة حاكمة مثلاً، إذا كان الحاكم قريباً له. ولكن خبرة “أرض الواقع” ليست بالدقّة التي سبق أن أشرنا إليها في الأسطر القليلة السابقة.
فإذا عُدنا الى ترامب، فإننا نتذكّر خلال ولايته الأولى أن صهره جاريد كوشنر وابنته إيفانكا، حازا على حصّة وازنة من المشهد العام، ومن رسم السياسات الكبرى، وأنهما “هندسا” الكثير على مستوى السياسة الخارجية وحتى الدفاعية الأميركية، بين عامَي 2017 و2020.
“توجيه عائلي”
طبعاً، نحن لا نقول إن جاريد وإيفانكا افتتحا “إمارة” داخل “البيت الأبيض” في ذلك الوقت. وتنفيذ ذلك على الطريقة اللبنانية هو أمر مستحيل في بلد مثل الولايات المتحدة الأميركية أصلاً، نظراً لما للسياسة من أبعاد “وظيفية” هناك، تنتهي بانتهاء ولاية حكم إدارة معيّنة.
ولكن الثغرات تبقى واردة رغم كل شيء، وهو ما يعني أنه يمكن لعلاقات أو وقائع أو مصالح عائلية معيّنة أن تساهم في توجيه بعض الزيارات أو العلاقات أو الصفقات الرئاسية، في هذا الاتجاه أو ذاك في أي بلد. وهذا ما لاحظناه بوضوح خلال ولاية ترامب الأولى، خصوصاً على صعيد العلاقات الممتازة التي جمعت إدارته ببعض الدول في الشرق الأوسط آنذاك. ولا مشكلة لدى الدولة الأميركية بذلك، طالما أن هذا “التوجيه العائلي” بقيَ مُوافِقاً للمصالح الأميركية العامة.
لا يجوز
هذا ما مررنا بما يُشبهه نحن في لبنان أيضاً قبل سنوات. وهي خبرة أكثر تعقيداً ممّا هو موجود في أميركا، وأقلّ شفافية طبعاً، انتهت بوجهها العلني بعد تحرّكات 17 تشرين الأول 2019.
ففي تلك الحقبة، بات الحكم في بلدنا أشبه بـ “شركة عائلية” تقريباً، فيما “غاب” الكثير من التوضيحات “عن السّمع” في ذلك الوقت، وبقيَت على تلك الحالة. بينما لا يجوز لبلد أن يُؤخَذ ضمن واقع عائلي الى تلك الدرجة، مهما كانت الخبرات “فائقة الطبيعة” كبيرة جداً، ضمن أي عائلة رئاسية.
بين الولاية 1 و2
في أي حال، نعود الى ترامب، لنلاحظ أنه مُحاط بخبرات الأصهار ومن “لفّ لفيفهم”، كما يبدو، لا سيّما في كل الملفات الدقيقة والحسّاسة. وهذه صدفة غريبة، لأمر واقع غريب فعلاً.
ففي الولاية الأولى، كان صهره جاريد كوشنر من أكثر المؤثّرين في إدارته. وفي الولاية الثانية، يبدو أن والد صهره اللبناني مسعد بولس سيكون أحد أكثر المُوكَلين بملفات، هي من الأكثر تأثيراً على مستوى الشرق الأوسط. وما بين الولاية الأولى والثانية، صهر ووالد صهر، وعلاقة مُصاهَرَة وضعت الجميع على درب بعضهم، بشكل لا يمكن للمراقِب من بعيد إلا أن يتوقّف أمامه ولو قليلاً.
بكرامة وحرية…
هكذا، وبـ “ضربة صدفة” ربما، تتحضّر الولايات المتحدة الأميركية للانتقال من ولاية الرئيس جو بايدن الى ولاية ترامب، وذلك بعدما حاز الأول خلال السنوات القليلة الماضية على حصّة كبيرة من الاستخفاف والسخرية، لا سيّما على منصّات تابعة لبلدان “صديقة جداً” لترامب في الشرق الأوسط، التي أشارت مراراً وتكراراً الى أنه (بايدن) يُصافح الأشباح، ويسلّم على الهواء… وغير ذلك.
وهكذا، وبـ “ضربة صدفة” ربما، يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تنتقل الآن من زمن مُصافَحَة الأشباح، الى “بلاد ما بين الصّهرَيْن”. ولا مشكلة في ذلك إذا كان الصّهر (أو من يلفّون لفيفه) “سندة ظهر”، لعمّه في “البيت الأبيض”، وبما يمكّن شعوب العالم كلّه من أن تجد سبيلها في هذه الحياة، بكرامة كاملة، وبحرية تامة.