عن نظرية لودريان ونهاية لبنان السياسي..!

يناقش وزير سابق مخضرم في الخلاصات الأولية للزيارة الإستشرافية التي قام بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، حيث يسجّل، ومن حيث الشكل، أن عنوان “تدوير الزوايا” الذي كان محور مهمة لودريان في بيروت، لم ينجح، وذلك بالنظر إلى مواقف الفريقين الأساسيين على الساحة الداخلية.
ولكن في المضمون وفي اعتماد ديبلوماسية “الخطوة خطوة”، يرى الوزير المخضرم أنه يبدو واضحاً أن موفد الرئيس الفرنسي، قد حصل على إعلان من الثنائي الشيعي، بأن جبهة المشاغلة والإسناد في الجنوب لا تقف عائقاً أمام انتخاب رئيس الجمهورية، بحيث أن الإستحقاق الرئاسي لم يعد مربوطاً بحرب غزة كما هي حال التهدئة أو ملف تثبيت الحدود البرية.
وبمعزلٍ عن هذه المهمة الإستشارية الفرنسية، يتوقف الوزير السابق المخضرم، عند ما أعلنه لودريان عن نهاية لبنان “السياسي”، والذي طرح العديد من علامات الإستفهام، ليقول ل”ليبانون ديبايت” إن كلامه غير واقعي وإن كان تشخيصه للوضع بأنه بالغ الخطورة هو في مكانه، لأن تحديد المهل للحلول غير منطقي من جهة، كما أن الحلول الرئاسية قد تأتي خلال ساعات وربما من دون حوار من جهةٍ أخرى.
وبالتالي، يقول الوزير السابق نفسه، متوجهاً للموفد الفرنسي، بأن لبنان هو الدولة الوحيدة في العالم، إذا كان من الممكن تسميته دولة في وضعه الحالي، التي تتميز وتتمتع بقوانين وقواعد سياسية خاصة بها ولا تخضع للقوانين السياسية والمنطقية، السارية المفعول في العالم، والتي يتعلمها السياسيون والديبلوماسيون في كليات العلوم السياسية الغربية، والتي لا علاقة لها بالوضع السياسي في لبنان.
ويستذكر الوزير السابق مرات عدة وصل فيها لبنان إلى شفير النهاية، وكل التحاليل الدولية أجمعت في كل هذه المرات أن “لبنان قد انتهى” وإذ كان يعود ويفاجىء الجميع بعودته وبسرعة فائقة، وينتقل بسرعة بين الإنهيار والصعود.
والمثال الصارخ والعلمي على هذه المقاربة، يوضح الوزير المخضرم، هو في واقع الإقتصاد اللبناني بعد انهيار الليرة، حيث أنه من المفروض أن يكون اللبنانيون قد وصلوا بعد 5 سنوات على الإنهيار المالي، يتقاتلون على كسرة الخبز، وبالتالي فإن لبنان بلد مفلس نظرياً ولكن واقعياً فإن طريقة حياة اللبنانيين لا تؤشر إلى أي انهيار، فالحياة مستمرة والدولار الذي وصل إلى 150 ليرة بات مستقراً اليوم ومن الممكن أن يهبط إلى 60 ألف ليرة، حتى أن مصرف لبنان المركزي تمكن من رفع احتياطه بالدولار، وهذه “أعجوبة، لا يستوعبها الخارج الذي يتحدث عن نهاية لبنان.
ويخلص الوزير السابق إلى التأكيد على القواعد اللبنانية الخاصة به والتي لم يتمكن الغرب من فهمها وقد قال الرئيس الفرنسي شارل ديغول يوماً إنه “يأتي إلى شرق معقد بأفكار بسيطة”.